الجمعة، 15 أبريل 2011





كانت طفلة..!

كانت تنتظره بشوق كل ليلة .. و ما إن تراه قادماً نحوها..كانت تصفق بمرح !

أما " والدها " فكان يسعد للقائها .. كان يهمس لها كل ليلة .. افتقدتك يا مدللتي ..

ربما هي "كطفلة"  لم تكن قادرة على وصف ما يدور بداخلها تلك اللحظة ..فقط تبتسم !

كانت تشتاقه كثيراً .. و ما إن يأتي .. تسجد لله شكراً..

لا تغمض عيناها إلا حينما تطمئن عليه .. أما هو فكان يحنو عليها .. ينتظر إلى أن تنام طفلته و يطمئن عليها ..و بعدها يغفو ..

كان يعشق دلالها .. يعشق ابتسامتها .. يعشق هدوءها .. يعشق جنونها .. !

يا إلهي كم كانت تغار عليه ! .. تخاف من كل النساء حوله .. كم تحاول إبعادهن عنه بشتى الطرق .. كانت تخشى من فقدانه يوماً ..

 تأخر عليها ذات ليلة .. يومها كانت تحاول أن تخفي دموعها عمن حولها ..

و كأن شبح اليُتم يطاردها ..!  و كأن ظلمة الليل تقترب منها !

كانت تخشاه و تخشى عليه .. كانت تحبه و تعشق حبه لها !

فكيف إذن تنتظر ذاك اليُتم الموحش .. الذي لا رحمة فيه !

و عندما أتى إليها تلك الليلة .. جففت دموعها ..أخذت نَفَســاً عميقاً ...وضعت يدها الصغيرة على قلبها ..
و قالت بداخلها ..
( الحمدُلله ) ..!  و كأن شبح اليُتم قد مات داخلها !
نظر إليها .. و كعادته ..قال لها ( اشتقت إليكِ ) .. عذراً تأخرتُ عليكِ الليلة أيتها ( المجنونة ) .. و كان يضحك بسخرية ..لأنه يعلم أنها في غيابه تكون في أسوأ حالتها ..

أما طفلته فضحكت هي الأخرى ..و احمرّت وجنتاها خجلاً من جنونها أمامه و حاولت تغيير الحالة  التي انتابتها من شدة ارتباكها أمامه !

و كعادتها ..اطمئنت عليه و قالت له .. تصبح على خير .. و وضعت رأسها على فراشها و راحت في نوم عميق .. نوم كله استقرار و هدوء ... و لمَ لا .. فوالدها بقربها ..ها هو يدللها .. ها هو يُسمعها أعذب الكلمات ..

 و في ليلة من الليالي .. شعر أن تلك السعادة التي تغمر طفلته ..سعادة زائفة .. و أنه لم يعد قادر على إسعادها .. و خشي أن تلومه أو يأتي يوم تشعر فيه هي بالندم من وجودها معه ..

نسي أن الله سبحانه و تعالى .. لا ينسى عباده .. نسي أنها تشعر بتلك السعادة لأنها معه .. لأنها تعشق تلك السعادة التي تراها فيه حينما تكون بقربه .. نسي أنه لو تركها .. سوف يراودها شبح اليُتم .. الذي كان يطاردها في غيابه .. نسي تلك الظلمة الموحشة التي سيخلفها رحيله ..نسي الكثير و الكثير و الكثير ..

ربما لم يتذكر سوى ابتسامتها .. التي يحاول جاهداً أن يرسمها على وجهها .. و التي لا يتخيل حياته بدونها ..و قد نسي أن سبب تلك الابتسامة هو وجوده جانبها .. و مشاركته لحياتها ..!!

و في آخر لقاء بينهما .. ضمها بقوة إلى صدره ... و كأنه يعلم أنه لن يراها ثانيةً .. ثم بنفس تلك القوة التي ضممها إليه ... ألقاها لتسقط  إلى حفرة لا حدود لعمقها !!


نعم ..ألقاها ..و كأنه شعر أنها عبء شديد في حياته ..يريد التخلص منه مهما كلفه الأمر .. فكان يخيل إليه .. أن مصيبة إلقائها و رحيله ..أهون عليه ..من أن لا يرى ابتسامتها في يوم من الأيام ...!!


ألقى تلك الطفلة المسكينة .. التي ربّاها على يديه .. و كبرت أمام عينيه .. و التي كان يرعاها بكل ما تحمله الكلمة من معنى !!


أما هي .. و بعد أن ألقاها .. و سقطت ..فقدت الوعي .. لم تصدق أن " والدها " هو من فعل هذا .. كانت تظن أنها تحلم ..! فارتطمت على أرض الواقع المؤلم .. و تملك منها شبح اليُتم .. و قضي على آخر أنفاس لها ...


مسكينة تلك الفتاة !! .. فكان والدها .. يساوي لها الحياة .. فانتهت حياتها عند تلك المحطة !

أما هو ..فبإمكانه أن يُنجب غيرها من الفتيات و يرعاهن و يدللهن ..كما كان يفعل مع طفلته الأولى ... التي عشقها .. بإمكانه أن يعشق غيرها من الفتيات ..!


أما هي ..فبعد أن فقدت الثقة في والدها ... حتماً لن تثق بأي شخص بعده ..مهما كان ..!!
مسكينة تلك الطفلة !!!




فتلك الطفلة لم تكن كغيرها من الأطفال ..فقد كانت تبلغ من العُمر ( عشرون عاماً ) ..

أما والدها ..فكان يكبُرها .. ب (ثلاث) سنوات ..!!!!!